فى رمضان.. مصر تسکن فى الحسین وتعود للفانوس الزجاجى
تختلف ثقافات الشعوب العربیة من بلدٍ إلى آخر، وتحدیدًا فى شهر رمضان، من حیث العادات وطرق الاحتفاء بهذا الشهر من أمسیات وحفلات وأکلات وأطباق رئیسیة معینة، لابد من وجودها، وکذلک الحلویات.
الفانوس الزجاجی
فى بعض البلاد العربیة لا یعرف لدیها أو لدى الأطفال فیها طقس الفانونس، إلا أن للفانوس فى مصر شخصیة فریدة من نوعها، تنتظره الأسر بأکلمها فى کل عام، یأتى فی ثوب جدید، فالبعض یعمل على المحاکاة مع شخصیات اشتهرت فى حیاتنا على المستوى الدرامى الذى یترقبه الجمیع، مثل شخصیة کرومبو، وغیرها.
وهذا العام، على الرغم من عودة البرنامج الکرتونى الشهیر "بکار" إلا أن الأسواق لم تمتلئ کما کان متوقعاً بأشکال للفانوس الذى یحاکی شخصیة، وعلى الرغم أیضًا من کثرة أشکال الفانوس الجدید، إلا أن الشعب المصری دائمًا ما یفاجئ الجمیع، فالکثیر کان یقبل على شراء الفانوس الزجاجی، والذى یتم إضاءته من خلال إضافة "لمبة" زجاجیة له، وکان السؤال الذى یمکنک أن تسمعه یتردد من حین لآخر: هو الفانوس أبو شمعة مش هیرجع؟
الحسین وخان الخلیلی
إذا ما أردت أن ترى مصر بأکلمها فى مکان واحد، فعلیک أن تنتظر شهر رمضان الکریم، وتذهب إلی منطقة الحسین وخان الخلیلی، ولکى ترى الصورة کاملةً فعلیک أولاً أن تعید محاولات قراءتها وفک طلاسمها البسطیة، إذا ما دلفت إلى منطقة الحسین واجتزت البوابة الحدیدیة التى یقف أمامها رجال الشرطة لمنع دخول السیارات إلی هذه المنطقة لما لها من شوراع ضیقة، فانظر إلی هذا المشهد المهیب بین أناس یفترشون الأرض، وآخرین على مقاعد خشبیة، فى عدة مقاهٍ ومطاعم مختلفة متراصة.
حاول أن تقرب الصورة إلى قلبک، لکى تدرک معنى أن الناس سواسیة فى النهایة، سواءً من افترش الأرض هو وأسرته، أو من حالفه الحظ وجلس فى مطعم، الحقیقة، هی أن من جلس على الأرض لم یجد مکانأ، أو حاول أن یکون على طبیعته أکثر هو وأسرته، وأیضًا من یجلس فى أحد المطاعم المجاورة لمسجد الحسین یشعر بنفس الرغبة فى أن یأتى فى الیوم الثانی ویجلس مع أسرته أو أصدقائه على الأعشاب فی الحدیقة الأمامیة للمجسد، ویرى غیره یجلس فى المکان الذى کان یجلس فیه هو بالأمس.
مصر التى ستراها تسکن فى الحسین، لا تغادره إلا بعد صلاة الفجر، سترى الوفود تسبح مع النور القادم لیوم جدید، هذا المشهد تحدیدًا ستراه یومی الخمیس والجمعة، وباقی الأیام ربما لا یبقى عدد کبیر من الأسر، ما عدا الشباب حتى هذا الموعد، یقضون أوقاتهم بالساعات على المقاهی یتابعون المسلسلات أو یتحدثون فى کل شیء، وأى شیء یخطر فى بالک، سترى أناسًا تنبثق من بینهم روائح عطرة تملأ قلبک بالسکینة والمحبة.
- ۹۴/۰۳/۳۰